هذه الدعاوى داخلة تحت المشكلات التي تواجه العربية، وتسعى إلى إضعاف سلطانها في نفوس أهلها.
وذلك كله سلسلة من المكر الكُبَّار، والكيد الذي يراد بأمة الإسلام، وإن كان بعض من يدعو إلى تلك الدعاوى ذا نية طيبة.
وسيكون الحديث فيما يلي حول بعض المقدمات ثم يتم الحديث عن كل واحدة من هذه الدعاوى الثلاث على حدة:
أولاً: ارتباط اللغة بالدين والأمة: لا يشك عاقل في مدى التلازم الوثيق، والارتباط المحكم بين اللغة والدين والأمة.
وهذا ما أدركه العلماء في القديم والحديث؛ حيث ربطوا ربطاً محكماً بين اللغة العربية والإسلام؛ ذلك أن أهم ما تعتد به الأمم من تراثٍ لُغَتُها ودينها؛ فبهاتين الوسيلتين تحقق ذاتها، تتميز شخصيتها؛ فكل قضية تثار ضد العربية فهي في -الحقيقة-ضد الإسلام.
ولقد نص على هذه الحقائق غير واحد من علماء اللغة والشريعة.
قال الثعالبي رحمه الله في مقدمة كتابه (فقه اللغة وسر العربية): "فإن من أحب الله أحب رسوله المصطفى " ومن أحب النبي العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب.
ومن أحب العربية عُني بها، وثابر عليها، وصرف همته إليها.
ومن هداه الله للإسلام، وشرح صدره للإسلام للإيمان، وآتاه حسن سريرة فيه - اعتقد أن محمداً " خير الرسل، والإسلامَ خيرُ الملل، والعربَ خير الأمم، والعربيةَ خير اللغات والأْلسِنة، والإقبال على تفهمها من الديانة؛ إذ هي أداة العلم، ومفتاح التفقُّه في الدين، وسبب إصلاح المعاش والمعاد، ثم هي لإحراز الفضائل، والاحتواء على المروءة، وسائر أنواع المناقب كالينبوع للماء، والزند (1) للنار.
ولو لم يكن في الإحاطة بخصائصها، والوقوف على مجاريها ومصارفها، والتبحر في جلائلها ودقائقها إلا قوة اليقين في معرفة إعجاز القرآن، وزيادة البصيرة في إثبات النبوة الذي هو عمدة الإيمان - لكفى بهما فضلاً يحسن أثره، ويطيب في الدارين ثمره؛ فكيف وأيسرُ ما خصها الله - عز وجل - من ضروب المَمَادحِ ما يُكِلُّ أقلامَ الكتبة، ويتعب أنامل الحَسَبة" (2).
بل إن العلماء نصوا على أن تعلمها من الدين، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشاطبي -رحمهما الله -.
قال بن تيمية رحمه الله: "إن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب؛ فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" (3).
وقال: "ومعلوم أن تعلم العربية وتعليم العربية فرض على الكفاية، وكان السلف يؤدبون أولادهم عن اللحن؛ فنحن مأمورون أمر إيجاب، أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي، ونصلح الألسنة المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة والاقتداء بالعرب في خطابها" (4).
وقال الشاطبي رحمه الله: "الاجتهاد إن تَعلَّق بالاستنباط من المنصوص فلا بد من اشتراط العلم بالعربية" (5).
وقد أدرك ذلك المسلمون الأوائل لا من العرب فحسب، بل من غير العرب، حيث أقبلوا على العربية، وأحبوها، وتفقهوا فيها، ونافحوا عنها، بل صاروا من أكابر أئمتها كالكسائي، وسيبويه، وابن فارس، وابن جني - رحمهم الله -.
بل لقد بلغ الأمر بابن فارسرحمه اللهأن يعقد باباً في كتابه (الصاحبي) تحت عنوان (باب القول على أن لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها) (6).
ولم تمنعه عروقُه الفارسيةُ، ولا كونه يعيش في بيئة بعيدة عن منبع العروبة أن يقول ما قال مما يبلغ الذروة في تمجيد العربية.
وإنما جاءته هذه العصبية من جهة إسلامه، واقتناعه بأن القرآن كتاب الله المعجز الخالد.
وهذا شيء يعتقده المسلم لا ينازعه فيه شك، وهو أن الذين صانوا العربية ووضعوا لها القواعد التي حفظتها طوال هذه القرون، وأقامت ألسنة الناطقين بها على سننها - كانوا يعملون بهداية من الله ورعاية وتوفيق؛ لأنهم كانوا الأسباب إلى تحقيق وعده الصادق النافذ في قوله - عز وجل -{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الحجر:9.
وهل يكون حفظه إلا بحفظ لغته؟
هذا أمر لا صلة له بمناهج البحث، ومنطق الفكر؛ لأنه ينزل من المسلم منزلة العقيدة المُسَلَّمة التي لا تحتاج إلى برهان، ولا ينازعه فيه شك مهما رأى غير المسلمين فيه، ومهما خطر على باله من وساوس وهواجس تدعو إلى اطراحه، أو التهوين من شأنه.
والدليل على أن هذه القواعد قد صانت اللغة العربية من التبديل والتحريف فأصبحت بذلك ظاهرة فذة لا يشبهها شيء من لغات العالم - أننا نقرأ القرآن كأنه أنزل فينا اليوم، ونقرأ أبا تمام والبحتري والمتنبي وكأننا نقرأ البارودي أو شوقياً (7).
وذلك كله سلسلة من المكر الكُبَّار، والكيد الذي يراد بأمة الإسلام، وإن كان بعض من يدعو إلى تلك الدعاوى ذا نية طيبة.
وسيكون الحديث فيما يلي حول بعض المقدمات ثم يتم الحديث عن كل واحدة من هذه الدعاوى الثلاث على حدة:
أولاً: ارتباط اللغة بالدين والأمة: لا يشك عاقل في مدى التلازم الوثيق، والارتباط المحكم بين اللغة والدين والأمة.
وهذا ما أدركه العلماء في القديم والحديث؛ حيث ربطوا ربطاً محكماً بين اللغة العربية والإسلام؛ ذلك أن أهم ما تعتد به الأمم من تراثٍ لُغَتُها ودينها؛ فبهاتين الوسيلتين تحقق ذاتها، تتميز شخصيتها؛ فكل قضية تثار ضد العربية فهي في -الحقيقة-ضد الإسلام.
ولقد نص على هذه الحقائق غير واحد من علماء اللغة والشريعة.
قال الثعالبي رحمه الله في مقدمة كتابه (فقه اللغة وسر العربية): "فإن من أحب الله أحب رسوله المصطفى " ومن أحب النبي العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب.
ومن أحب العربية عُني بها، وثابر عليها، وصرف همته إليها.
ومن هداه الله للإسلام، وشرح صدره للإسلام للإيمان، وآتاه حسن سريرة فيه - اعتقد أن محمداً " خير الرسل، والإسلامَ خيرُ الملل، والعربَ خير الأمم، والعربيةَ خير اللغات والأْلسِنة، والإقبال على تفهمها من الديانة؛ إذ هي أداة العلم، ومفتاح التفقُّه في الدين، وسبب إصلاح المعاش والمعاد، ثم هي لإحراز الفضائل، والاحتواء على المروءة، وسائر أنواع المناقب كالينبوع للماء، والزند (1) للنار.
ولو لم يكن في الإحاطة بخصائصها، والوقوف على مجاريها ومصارفها، والتبحر في جلائلها ودقائقها إلا قوة اليقين في معرفة إعجاز القرآن، وزيادة البصيرة في إثبات النبوة الذي هو عمدة الإيمان - لكفى بهما فضلاً يحسن أثره، ويطيب في الدارين ثمره؛ فكيف وأيسرُ ما خصها الله - عز وجل - من ضروب المَمَادحِ ما يُكِلُّ أقلامَ الكتبة، ويتعب أنامل الحَسَبة" (2).
بل إن العلماء نصوا على أن تعلمها من الدين، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشاطبي -رحمهما الله -.
قال بن تيمية رحمه الله: "إن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب؛ فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" (3).
وقال: "ومعلوم أن تعلم العربية وتعليم العربية فرض على الكفاية، وكان السلف يؤدبون أولادهم عن اللحن؛ فنحن مأمورون أمر إيجاب، أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي، ونصلح الألسنة المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة والاقتداء بالعرب في خطابها" (4).
وقال الشاطبي رحمه الله: "الاجتهاد إن تَعلَّق بالاستنباط من المنصوص فلا بد من اشتراط العلم بالعربية" (5).
وقد أدرك ذلك المسلمون الأوائل لا من العرب فحسب، بل من غير العرب، حيث أقبلوا على العربية، وأحبوها، وتفقهوا فيها، ونافحوا عنها، بل صاروا من أكابر أئمتها كالكسائي، وسيبويه، وابن فارس، وابن جني - رحمهم الله -.
بل لقد بلغ الأمر بابن فارسرحمه اللهأن يعقد باباً في كتابه (الصاحبي) تحت عنوان (باب القول على أن لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها) (6).
ولم تمنعه عروقُه الفارسيةُ، ولا كونه يعيش في بيئة بعيدة عن منبع العروبة أن يقول ما قال مما يبلغ الذروة في تمجيد العربية.
وإنما جاءته هذه العصبية من جهة إسلامه، واقتناعه بأن القرآن كتاب الله المعجز الخالد.
وهذا شيء يعتقده المسلم لا ينازعه فيه شك، وهو أن الذين صانوا العربية ووضعوا لها القواعد التي حفظتها طوال هذه القرون، وأقامت ألسنة الناطقين بها على سننها - كانوا يعملون بهداية من الله ورعاية وتوفيق؛ لأنهم كانوا الأسباب إلى تحقيق وعده الصادق النافذ في قوله - عز وجل -{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الحجر:9.
وهل يكون حفظه إلا بحفظ لغته؟
هذا أمر لا صلة له بمناهج البحث، ومنطق الفكر؛ لأنه ينزل من المسلم منزلة العقيدة المُسَلَّمة التي لا تحتاج إلى برهان، ولا ينازعه فيه شك مهما رأى غير المسلمين فيه، ومهما خطر على باله من وساوس وهواجس تدعو إلى اطراحه، أو التهوين من شأنه.
والدليل على أن هذه القواعد قد صانت اللغة العربية من التبديل والتحريف فأصبحت بذلك ظاهرة فذة لا يشبهها شيء من لغات العالم - أننا نقرأ القرآن كأنه أنزل فينا اليوم، ونقرأ أبا تمام والبحتري والمتنبي وكأننا نقرأ البارودي أو شوقياً (7).
هذا وسيتضح مزيد بيان لهذه الحقائق في الفقرات التالية.
ثانياً: إدراك الأعداء لأهمية اللغة: لقد أدرك أعداء الإسلام والعربية أهمية اللغة وخطرها على مطامع الاستعمار، وخطرها في وَحْدَة الأمة، وتماسكها، وارتباط حاضرها بماضيها.
ومن هنا كان سعيهم الحثيث لتفتيت وحدة الأمة، وتجزئتها، وجعلها دويلات متناحرة؛ لأجل أن تستمر التبعية لهم؛ فشرعوا جاهدين إلى هذا المقصد، وأخذوا بكل وسيلة ممكنة لتحقيق هذه المطالب؛ فكان من أعظم ما توصلوا إليه، وقاموا به أن ضربوا الأمة في لغتها، واتخذوا لذلك أساليب شتى، وجندوا مطاياهم من المستغربين لذلك؛ فصارت الطعنات المتتالية في العربية داعية إلى إقصائها أو إضعافها، والنيل منها - كما سيأتي بيان ذلك - (8).
ثالثاً: غاية هذه الدعوات: من خلال ما مضى وما سيأتي يتبين لنا أن هذه الدعوات تستهدف غايتين (9):
1- تفريق المسلمين عامة، والعرب خاصة: وذلك بتفريقهم في الدين، وتفريقهم في اللغة والثقافة، وقطع الطريق على توسع اللغة العربية المحتمل بين مسلمي العالم؛ حتى لا تتم وحدتهم الكاملة.
2- قطع ما بين المسلمين وبين قديمهم: والحكم على كتابهم (القرآن) وكل تراثهم بالموت؛ لأن هذا القديم المشترك هو الذي يربطهم، ويضم بعضهم إلى بعض.
رابعاً: نبذة تاريخية عن تلك الدعوات، وبيان أشهر دعاتها (10): بدأت تلك الدعوات في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك عن طريق بعض المجلات، وبعض المنصرين، والمستشرقين، وكانت بدايتها في مصر؛ نظراً لمكانتها العلمية والثقافية.
وتحمل تلك الدعوات في طياتها عبراً، وعظاتٍ عجيبةً في دأب أولئك، ومثابرتهم في سبيل النيل من العربية.
وفيما يلي استعراض تاريخي مجمل لتلك الأعمال يتبين من خلاله ما قاموا به من عمل، ويتبين -كذلك- أشهر الذين تبنوا تلك الدعوات الهدامة سواء من الأشخاص أو المجلات.
1- ظهرت الدعوة إلى العامية سنة 1880م على يد الألماني (ولهلم سبيتا) الذي كان متخصصاً باللغات الشرقية، وكان مديراً لدار الكتب المصرية، وكان من أشد الناس حملاً على العربية، وقد قضى جزءاً كبيراً من حياته في مصر لهذا الغرض، وكان أكثر دقة ممن سبقوه في هذا المجال.
ومن الأشياء التي كان يعملها: جمع القصص والطرف بالعامية، وتأليفها وبيعها على الناس بمبلغ زهيد؛ لكي تتفشى العامية.
كما ألف كتاباً بعنوان (قواعد العربية العامية في مصر) فَقَعَّد فيه اللهجة المصرية بقواعد من عنده (11).
2- وتواصلت هذه الدعوة في أواخر سنة 1881م: وذلك حين اقترحت مجلة (المقتطف) كتابة العلوم باللغة التي يتكلمها الناس في حياتهم العامة، ودُعي رجال الفكر إلى بحث هذا الاقتراح ومناقشته.
3- هاجت هذه المسألة مرة أخرى في أوائل سنة 1902م: وذلك حين ألف القاضي الإنجليزي (سلمون ولمور) أحد قضاة محكمة الاستئناف الأهلية في مصر من الإنجليز - كتاباً سماه (العربية المحكية في مصر).
وقد وضع للغة القاهرة قواعد، واقترح بأن تكون لغةً للعلم والأدب، ونادى بأن تدرس العربية في قسم الآثار من الجامعات كما تُدرس اللغات المندرسة كالآكادية.
كما اقترح أن تكون الكتابة بالحروف اللاتينية.
وقد تنبه الناس للكتاب حين أشاد به (المقتطف) في باب (التقريض والانتقاد) فحملت عليه الصحف مشيرة إلى موضع الخطر من هذه الدعوة التي لا تقصد إلا محاربة الإسلام في لغته.
وفي ذلك الوقت كتب حافظ إبراهيم قصيدته المشهورة التي يقول فيها متحدثاً بلسان اللغة العربية تحت عنوان: (اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها):
ثانياً: إدراك الأعداء لأهمية اللغة: لقد أدرك أعداء الإسلام والعربية أهمية اللغة وخطرها على مطامع الاستعمار، وخطرها في وَحْدَة الأمة، وتماسكها، وارتباط حاضرها بماضيها.
ومن هنا كان سعيهم الحثيث لتفتيت وحدة الأمة، وتجزئتها، وجعلها دويلات متناحرة؛ لأجل أن تستمر التبعية لهم؛ فشرعوا جاهدين إلى هذا المقصد، وأخذوا بكل وسيلة ممكنة لتحقيق هذه المطالب؛ فكان من أعظم ما توصلوا إليه، وقاموا به أن ضربوا الأمة في لغتها، واتخذوا لذلك أساليب شتى، وجندوا مطاياهم من المستغربين لذلك؛ فصارت الطعنات المتتالية في العربية داعية إلى إقصائها أو إضعافها، والنيل منها - كما سيأتي بيان ذلك - (8).
ثالثاً: غاية هذه الدعوات: من خلال ما مضى وما سيأتي يتبين لنا أن هذه الدعوات تستهدف غايتين (9):
1- تفريق المسلمين عامة، والعرب خاصة: وذلك بتفريقهم في الدين، وتفريقهم في اللغة والثقافة، وقطع الطريق على توسع اللغة العربية المحتمل بين مسلمي العالم؛ حتى لا تتم وحدتهم الكاملة.
2- قطع ما بين المسلمين وبين قديمهم: والحكم على كتابهم (القرآن) وكل تراثهم بالموت؛ لأن هذا القديم المشترك هو الذي يربطهم، ويضم بعضهم إلى بعض.
رابعاً: نبذة تاريخية عن تلك الدعوات، وبيان أشهر دعاتها (10): بدأت تلك الدعوات في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك عن طريق بعض المجلات، وبعض المنصرين، والمستشرقين، وكانت بدايتها في مصر؛ نظراً لمكانتها العلمية والثقافية.
وتحمل تلك الدعوات في طياتها عبراً، وعظاتٍ عجيبةً في دأب أولئك، ومثابرتهم في سبيل النيل من العربية.
وفيما يلي استعراض تاريخي مجمل لتلك الأعمال يتبين من خلاله ما قاموا به من عمل، ويتبين -كذلك- أشهر الذين تبنوا تلك الدعوات الهدامة سواء من الأشخاص أو المجلات.
1- ظهرت الدعوة إلى العامية سنة 1880م على يد الألماني (ولهلم سبيتا) الذي كان متخصصاً باللغات الشرقية، وكان مديراً لدار الكتب المصرية، وكان من أشد الناس حملاً على العربية، وقد قضى جزءاً كبيراً من حياته في مصر لهذا الغرض، وكان أكثر دقة ممن سبقوه في هذا المجال.
ومن الأشياء التي كان يعملها: جمع القصص والطرف بالعامية، وتأليفها وبيعها على الناس بمبلغ زهيد؛ لكي تتفشى العامية.
كما ألف كتاباً بعنوان (قواعد العربية العامية في مصر) فَقَعَّد فيه اللهجة المصرية بقواعد من عنده (11).
2- وتواصلت هذه الدعوة في أواخر سنة 1881م: وذلك حين اقترحت مجلة (المقتطف) كتابة العلوم باللغة التي يتكلمها الناس في حياتهم العامة، ودُعي رجال الفكر إلى بحث هذا الاقتراح ومناقشته.
3- هاجت هذه المسألة مرة أخرى في أوائل سنة 1902م: وذلك حين ألف القاضي الإنجليزي (سلمون ولمور) أحد قضاة محكمة الاستئناف الأهلية في مصر من الإنجليز - كتاباً سماه (العربية المحكية في مصر).
وقد وضع للغة القاهرة قواعد، واقترح بأن تكون لغةً للعلم والأدب، ونادى بأن تدرس العربية في قسم الآثار من الجامعات كما تُدرس اللغات المندرسة كالآكادية.
كما اقترح أن تكون الكتابة بالحروف اللاتينية.
وقد تنبه الناس للكتاب حين أشاد به (المقتطف) في باب (التقريض والانتقاد) فحملت عليه الصحف مشيرة إلى موضع الخطر من هذه الدعوة التي لا تقصد إلا محاربة الإسلام في لغته.
وفي ذلك الوقت كتب حافظ إبراهيم قصيدته المشهورة التي يقول فيها متحدثاً بلسان اللغة العربية تحت عنوان: (اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها):
رجعتُ لنفسي فاتهمتُ حصاتِي ... وناديتُ قومي فاحتسبتُ حياتي
رمونيْ بعقم في الشباب وليتني ... عَقِمت فلم أجزع لقولِ عُِداتي
ولَدْتُ ولم لم أجد لعرائسي ... رجالاً وأكفاءً وأَدْتُ بناتي
وسِعتُ كتابَ الله لفظاً وغايةً ... وما ضقتُ عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليومَ عنْ وصف آلةٍ ... وتنسيق أسماءٍ لمخترعات
أنا البحرُ في أحشائه الدُّرُّ كامنٌ ... فهل سألوا الغواص عن صدَفَاتي
فيا ويحكم أَبْلَى وتبلى محاسني ... ومنكم - وإن عزَّ الدواءُ - أساتي
فلا تَكِلوني للزمانِ فإنني ... أخافُ عليكم أن تحين وفاتي
4- وثارت المسألة من جديد على يد الإنجليزي (وليم ولكوكس): وكان مهندساً للري في مصر، حيث دعا عام 1926م إلى هجر اللغة العربية، وخطا بهذا الاقتراح خطوة عملية، فترجم أجزاءً من الإنجيل إلى ما سماه (اللغة المصرية).
ويعد هذا الرجل من ألد أولئك، وأكثرهم جلداً، حيث جاء إلى مصر عام 1882م ومكث فيها حتى عام 1932م.
وليس له أي هدف إلا محاربة العربية عبر الندوات، والصحف.
وكان يشيع أن التخلف في مصر سببه العربية الفصحى، وأن الحل في تركها معللاً بأن سبب تطور الإنجليز هو تخليهم عن اللاتينية إلى الإنجليزية.
ولقد نوه سلامة موسى بـ: ولكوكس، وأيده، فثارت لذلك ثائرة الناس من جديد، وعادوا لمهاجمة الفكرة، والتنديد بما يَكْمُن وراءها من الدوافع السياسية.
"ولكن الدعوة استطاعت أن تجتذب نفراً من دعاة الجديد في هذه المرة، فاتخذوا القومية والشعبية ستاراً لدعوتهم حين كان لمثل هذه الكلمات رواج، وكان لها بريق يعشي الأبصار، وحين كان الناس مفتونين بكل ما يحمل هذا العنوان في أعقاب ثورة شعبية تمخضت عن (الفرعونية) وحين كانوا يتحدثون بما صنع الكماليون من استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية، وترجمة القرآن للغة التركية، وإلزام الناس بالتعبد به، وتحريم تدريس العربية في غير معاهد دينية محدودة وضعت تحت الرقابة الشديدة، وقد مضوا من بعدُ في مطاردة الكلمات العربية الأصل ينفونها من اللغة التركية كلمة بعد كلمة" (12).
5- ولم يكن الوضع في بلاد الشام أو المغرب العربي بأحسن حالاً من مصر حيال هذه القضية، بل كان أسوأ مما في مصر؛ حيث وُجِدَتْ محاولات جادة لطمس العربية ونبذها، ووصمها بالتخلف.
ومما يصور لك الحال التي وصلت إليها تونس - على سبيل المثال - تلك القصيدة التي جادت بها قريحة الشيخ العلامة محمد الخضر حسين التونسي عام 1326هـ وعنون لها بـ (حياة اللغة العربية)، وجعلها في أسلوب رواية خيالية، فقال (13):
بصري يسبحُ في وادي النظرْ ... يتقصى أثراً بعد أثرْ
وسبيل الرشد ممهود لمن ... يتجافى الغُمضَ ما اسطاع السهرْ
إنما الكون سِجِلٌّ رُسمتْ ... فيه للأفكار آيٌ وعِبَرْ
وإذا أرخى الدجى أستاره ... هبَّ سمعي كاشفاً عما استترْ
لست أنسى جُنح ليل خَفقت ... فيه بالأحشاء أنفاسُ الضَّجرْ
6- دخول هذه الدعوة إلى مجمع اللغة العربية: يقول د. محمد محمد حسينرحمه الله بعد أن استعرض تاريخ تلك الدعوة: "ولم يكن ذلك هو كل ما كسبته الدعوة الجديدة التي روجها الإنجليز وعملاؤهم كما رأينا.
ولكن أعجب ما ظهر من ذلك في هذه الفترة وأغربه مما لا يخطر على البال هو أن الدعوة قد استطاعت أن تتسلل متلصصة إلى الحصن الذي قام لحماية اللغة العربية الفصيحة، والمسمى (بمجمع اللغة العربية).
فظهرت في مجلته الناطقة باسمه سلسلة من المقالات عن (اللهجة العربية العامية) كتبها عضو من أعضاء هذا المجمع اسمه عيسى إسكندر المعلوف.
وإن مما يدعو إلى العجب حقاً أن يختار المجمعُ لعضويته رجلاً معروفاً بعدائه الصريح للعربية، وهو عداء عريق ورثه عن أبيه الذي أعلنه وجهر به حين سجله في مقال له نشرته (الهلال) سنة 1902م دافع فيه عن اللهجات السوقية، وقال: إنه يشتغل بضبط أحوالها وتقييد شواردها؛ لاستخدامها في كتابة العلوم.
ولكن أعجب ما ظهر من ذلك في هذه الفترة وأغربه مما لا يخطر على البال هو أن الدعوة قد استطاعت أن تتسلل متلصصة إلى الحصن الذي قام لحماية اللغة العربية الفصيحة، والمسمى (بمجمع اللغة العربية).
فظهرت في مجلته الناطقة باسمه سلسلة من المقالات عن (اللهجة العربية العامية) كتبها عضو من أعضاء هذا المجمع اسمه عيسى إسكندر المعلوف.
وإن مما يدعو إلى العجب حقاً أن يختار المجمعُ لعضويته رجلاً معروفاً بعدائه الصريح للعربية، وهو عداء عريق ورثه عن أبيه الذي أعلنه وجهر به حين سجله في مقال له نشرته (الهلال) سنة 1902م دافع فيه عن اللهجات السوقية، وقال: إنه يشتغل بضبط أحوالها وتقييد شواردها؛ لاستخدامها في كتابة العلوم.
وقد أكد هذا المقال أن اختلاف لغة الحديث عن لغة الكتابة هو من أسباب تخلفنا الثقافي.
وزعم أنه من الممكن اتخاذ أي لهجة عامية لغةً للكتابة كالمصرية أو الشامية، وأنها ستكون أسهل على سائر المتكلمين بالعربية -على اختلاف لهجاتهم- من العربية الفصحى.
كما أنه زعم أن تعلق المسلمين باللغة الفصيحة لا مبرر له؛ لأن هناك مسلمين كثيرين لا يتحدثون بالعربية ولا يكتبون بها، ولأن اللغة التي يتكلمها المسلمون هي غير العربية الفصيحة على كل حال (14)، وقال عن كل ما يطالب به هو وضع قواعد هذه اللغة التي يتكلمون بها فعلاً وواقعاً وختم المقال بقوله:
"وما أحرى أهل بلادنا أن ينشطوا من عِقالهم طالبين التحرر من رقِّ لغة صعبة المراس قد استنزفت أوقاتهم وقوى عقولهم الثمنية وهي مع ذلك لا توليهم نفعاً، بل أصبحت ثقلاً يؤخرهم عن الجري في مضمار التمدن، وحاجزاً يصدهم عن النجاح ...
ولي أمل بأن أرى الجرائد العربية وقد غيرت لغتها، وبالأخص جريدة الهلال الغراء التي هي في مقدمتها.
وهذا أعده أعظم خطوة نحو النجاح، وهو غاية أملي ومنتهى رجائي".
هل تعرف عداءًا للعربية التي لم يُنشأ هذا المجمع إلا لحمايتها أعرقَ من هذا العداء الصريح في الولد وأبيه على السواء؟ فلأي شيء اختير هذا العضو وأمثاله من المعروفين بالكيد للعربية وللعرب؟.
وليس هذا هو كل ما يدعو للعجب من أمر هذا المجمع، فقد تقدم عضو من أبرز أعضائه وهو عبدالعزيز فهمي -ثالث الثلاثة الذين بني عليهم الوفد المصري- في سنة 1943 باقتراح كتابة العربية بالحروف اللاتينية، وشُغِل المجمع ببحث اقتراحه عدة جلسات امتدت خلال ثلاث سنوات، ونُشر في الصحف، وأُرسل إلى الهيئات العلمية المختلفة، وخصصت الحكومة جائزة مقدارها ألف جنيه لأحسن اقتراح في تيسير الكتابة العربية.
أليس يدعو ذلك إلى أن نتساءل: هل أنشئ هذا المجمع لينظم جهود حُماة العربية، أو أنشئ ليُكْسِب الهدمَ والهدامين صفةً شرعية، وليضع على بيت حفار القبور لوحة نحاسية كُتب عليها بخط عريض (طبيب)، وعلى وكر القاتل السفاح اسم (جَراح)؟!
أليس يَرضى الاستعمار عن مثل اقتراح المعلوف واقتراح عبدالعزيز فهمي؟ أليس يرضى عنه العضو الإنجليزي الموقر هـ. أ. ر. جب الذي يقرر في كتابه (إلى أين يتجه الإسلام) عند كلامه عن الوحدة الإسلامية أن من أهم مظاهرها الحروف العربية التي تستعمل في سائر العالم الإسلامي، واللغة العربية التي هي لغته الثقافية الوحيدة، والاشتراك في كثير من الكلمات والاصطلاحية العربية الأصل؟ أليس يرضى الاستعمار الفرنسي الذي حارب العربية الفصيحة في شمال إفريقيا أعنف الحرب، وضيق عليها أشد التضييق، ووضع مستشرقوه مختلف الكتب في دراسة اللهجات البربرية وقواعدها لإحلالها محل العربية الفصيحة؟
أليس يرضى عنه المستشرق الألماني كامفماير الذي يقرر في شماتة أن تركيا لم تعد بلداً إسلامياً، فالدين لا يُدَرَّس في مدارسها، وليس مسموحاً بتدريس اللغتين العربية والفارسية في المدارس، ثم يقول:: "إن قراءة القرآن العربي وكتب الشريعة الإسلامية قد أصبحت الآن مستحيلة بعد استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية" (15).
وزعم أنه من الممكن اتخاذ أي لهجة عامية لغةً للكتابة كالمصرية أو الشامية، وأنها ستكون أسهل على سائر المتكلمين بالعربية -على اختلاف لهجاتهم- من العربية الفصحى.
كما أنه زعم أن تعلق المسلمين باللغة الفصيحة لا مبرر له؛ لأن هناك مسلمين كثيرين لا يتحدثون بالعربية ولا يكتبون بها، ولأن اللغة التي يتكلمها المسلمون هي غير العربية الفصيحة على كل حال (14)، وقال عن كل ما يطالب به هو وضع قواعد هذه اللغة التي يتكلمون بها فعلاً وواقعاً وختم المقال بقوله:
"وما أحرى أهل بلادنا أن ينشطوا من عِقالهم طالبين التحرر من رقِّ لغة صعبة المراس قد استنزفت أوقاتهم وقوى عقولهم الثمنية وهي مع ذلك لا توليهم نفعاً، بل أصبحت ثقلاً يؤخرهم عن الجري في مضمار التمدن، وحاجزاً يصدهم عن النجاح ...
ولي أمل بأن أرى الجرائد العربية وقد غيرت لغتها، وبالأخص جريدة الهلال الغراء التي هي في مقدمتها.
وهذا أعده أعظم خطوة نحو النجاح، وهو غاية أملي ومنتهى رجائي".
هل تعرف عداءًا للعربية التي لم يُنشأ هذا المجمع إلا لحمايتها أعرقَ من هذا العداء الصريح في الولد وأبيه على السواء؟ فلأي شيء اختير هذا العضو وأمثاله من المعروفين بالكيد للعربية وللعرب؟.
وليس هذا هو كل ما يدعو للعجب من أمر هذا المجمع، فقد تقدم عضو من أبرز أعضائه وهو عبدالعزيز فهمي -ثالث الثلاثة الذين بني عليهم الوفد المصري- في سنة 1943 باقتراح كتابة العربية بالحروف اللاتينية، وشُغِل المجمع ببحث اقتراحه عدة جلسات امتدت خلال ثلاث سنوات، ونُشر في الصحف، وأُرسل إلى الهيئات العلمية المختلفة، وخصصت الحكومة جائزة مقدارها ألف جنيه لأحسن اقتراح في تيسير الكتابة العربية.
أليس يدعو ذلك إلى أن نتساءل: هل أنشئ هذا المجمع لينظم جهود حُماة العربية، أو أنشئ ليُكْسِب الهدمَ والهدامين صفةً شرعية، وليضع على بيت حفار القبور لوحة نحاسية كُتب عليها بخط عريض (طبيب)، وعلى وكر القاتل السفاح اسم (جَراح)؟!
أليس يَرضى الاستعمار عن مثل اقتراح المعلوف واقتراح عبدالعزيز فهمي؟ أليس يرضى عنه العضو الإنجليزي الموقر هـ. أ. ر. جب الذي يقرر في كتابه (إلى أين يتجه الإسلام) عند كلامه عن الوحدة الإسلامية أن من أهم مظاهرها الحروف العربية التي تستعمل في سائر العالم الإسلامي، واللغة العربية التي هي لغته الثقافية الوحيدة، والاشتراك في كثير من الكلمات والاصطلاحية العربية الأصل؟ أليس يرضى الاستعمار الفرنسي الذي حارب العربية الفصيحة في شمال إفريقيا أعنف الحرب، وضيق عليها أشد التضييق، ووضع مستشرقوه مختلف الكتب في دراسة اللهجات البربرية وقواعدها لإحلالها محل العربية الفصيحة؟
أليس يرضى عنه المستشرق الألماني كامفماير الذي يقرر في شماتة أن تركيا لم تعد بلداً إسلامياً، فالدين لا يُدَرَّس في مدارسها، وليس مسموحاً بتدريس اللغتين العربية والفارسية في المدارس، ثم يقول:: "إن قراءة القرآن العربي وكتب الشريعة الإسلامية قد أصبحت الآن مستحيلة بعد استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية" (15).
الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد
في كتابه"فقه اللغة: مفهومه-موضوعاته-قضاياه"
---------------------------------•
(1) -الزند: العود الذي تقدح به النار
(2) -فقه اللغة وسر العربية ص5.
(1) -الزند: العود الذي تقدح به النار
(2) -فقه اللغة وسر العربية ص5.
(3) - اقتضاء الصراط المستقيم ص162.
(4) - مجموع الفتاوى 31/ 158.
(5) - الموافقات 5/ 124.
(6) - الصاحبي ص19.
(4) - مجموع الفتاوى 31/ 158.
(5) - الموافقات 5/ 124.
(6) - الصاحبي ص19.
(7) - انظر: مقالات في اللغة والأدب د. محمد محمد حسين ص75-76، وفي سبيل لغة القرآن د. مرزوق بن تنباك ص15.
(8) - انظر في سبيل لغة القرآن ص15-16.
(9) - انظر الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر د. محمد محمد حسين 2/ 84.
(9) - انظر الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر د. محمد محمد حسين 2/ 84.
(10) - انظر الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر 2/ 359-368، وفقه اللغة د. إميل يعقوب ص151-155.
(11) - مستفاد من محاضرات أ. د علي البواب على طلاب كلية اللغة العربية، وانظر فقه اللغة د. إميل يعقوب ص151.
(12) - الاتجاهات الوطنية 2/ 361.
(13) - القصيدة موجودة في ديوان الشيخ (خواطر الحياة) ص111-114، وفي كتابه (حياة اللغة العربية) ص78-84.
(13) - القصيدة موجودة في ديوان الشيخ (خواطر الحياة) ص111-114، وفي كتابه (حياة اللغة العربية) ص78-84.
(14) - هذا غير صحيح يكذبه الواقع الصريح، والدليل على مباينته للحقيقة أن العرب إذا اجتمعوا في مؤتمر لم يكد يفهم بعضهم عن بعض إلا إذا تكلموا العربية الفصيحة.
(15) - الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر 2/ 362-365.
0 التعليقات:
إرسال تعليق