يقترح بعض البنيويين ترتيب مستويات دراسة النص الأدبي على النحو التالي:
-المستوى الصوتي: يدرس الحروف ورمزيتها وتكويناتها الموسيقية من نبر وتنغـيم وإيقاع.
-المستوى الصرفي: يدرس الوحدات الصرفية ووظيفتها في التكوين اللغوي والأدبي خاصة.
-المستوى المعجمي: يدرس الكلمات لمعرفة خصائصـها الحسـية، والتجريديـة، والحيوية، والمستوى الأسلوبي.
-المستوى النحوي: يدرس تأليف الجمل، وتركيبها، وطرق تكوينها، وخصائصها الدلالية والجمالية.
-مستوى القول: ويهتم بتحليل تراكيب الجمل الكبرى لمعرفة خصائصـها الأساسـية والثانوية.
-المستوى الدلالي: ويعني بتحليل المعاني المباشرة وغيـر المباشـرة، والصـور المتصلة بالأنظمة الخارجة عن حدود اللغة، التي ترتبط بعلـم الـنفس والاجتمـاع وتمارس وظيفتها على درجات من الأدب والشعر.
-المستوى الرمزي: وتقوم فيه المستويات السابقة بدور الدال الجيد الذي ينتج مدلولا.
كيفية تحليل قصيدة أو نص:
أولا المحور الصوتي:
تقوم بدراسة الصوت والإيقاع المستخدم في الأبيات المختارة من خلال حروف القافية والروي والبحر الشعري والجمل الإيقاعية فمثلا إذا كانت القافية ساكنة فهذا له دلالة مثل الثبات أو السكون ولو كان الحرف في الروي مثلا حرف الباء فهذا يدل على كلمات مثل القلب والحب أو ما شابه فيما يعرف بموسيقى القافية ودلالة البحر هل هو طويل أم خفيف ودلالته على الموضوع المعبر عنه فمثلا لا يصح للشاعر أن يستخدم بحر الرجز او الهزج في الرثاء أو الفخر او المدح، ثم علاقة هذا البحر بالأقفية ومدى تعلق القافية بالمعنى.
المحور الثاني: الصرفي:
تنظر هل يستخدم الشاعر الكلمات ذات البينيات البسيطة ام المركبة؟ فدلالة غلقت غير دلالة غلّقت في سورة يوسف، ثم تنظرين فيما يعرف بنظرية الحقول الدلالية بمعنى ان الشاعر استخدم كلمات تتعلق بموضوع واحد فأدوات الحرب تستخدم السيف والرمح والخنجر والسهم وهذا يؤكد دلالة المعنى الحربي عنده ثم تنظرين إلى الكلمات المستخدمة في القصيدة هل تعتمد على الأسماء ام الأفعال؟ والأسماء هل هي جامدة أو مشتقة؟
الأفعال ما نوع الأفعال المستخدم ماضية أم مضارعة ودلالة ذلك فقد يوحي ذلك بأن الشاعر يعيش في الماضي لو كان يعتمد على الأفعال الماضية أو يوحي بالتجدد او الاستمرار إذا كان يوحي بالحركة كونه من الأفعال المضارعة وهكذا.
المحور الثالث: التركيبي:
وهو ما يعرف بالتركيب النحوي هل يعتمد الشاعر على الجمل الأسمية ام الجمل الفعلية؟ هل الشاعر يستخدم الجمل البسيطة أم المركبة بمعنى هل يعتمد على ذات طول وفيها فضلات الجملة أم يعتمد على الجمل الأساسية المبتدأ والخبر أو الفعل والفاعل فحسب، هل الجمل تعتمد على السير الطبيعي لها أم هناك تقديم وتأخير؟ هل يعتمد على تأويلات نحوية بمعنى هل يلجأ الى ما يعرف بالضرورات الشعرية في تركيب الجملة.
المحور الرابع: الدلالي وهو المتعلق بالمعنى
دلالة المعنى هي الصورة النهائية وفيها تقوم بدراسة كل التغيرات التي خرجت بها في المحاور السابقة وعلاقتها بالمعنى ووهل الشاعر يعتمد المعنى العميق أم الواضح؟ وهل شعره غامض ام سهل وهل الدلالات متعددة أم لان المعنى لا تعدد فيه وعلاقة الصوت بالصرف وعلاقة الصوت بالتركيب وعلاقة الصرف بالنحو كل هذا في القصيدة في مبحث المعنى لأنه مرآة بحثك.
نص للتحليل انطلاقا من مكتسبات المحاضرة والمعارف السابقة:
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي | وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي |
رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني | عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي |
وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي | رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي |
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً | وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ |
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ | وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ |
أنا البحر في أحشائه الدر كامن | فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي |
فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني | ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي |
فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني | أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي |
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً | وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ |
أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً | فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ |
أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ | يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي |
ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ | بما تحتَه مِنْ عَثْرَة ٍ وشَتاتِ |
سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرة ِ أَعْظُماً | يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي |
حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه | لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ |
وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ | حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ |
أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً | مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة ِ |
وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَجّة ً | فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي |
أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهمُ | إلى لغة ٍ لمْ تتّصلِ برواة ِ |
سَرَتْ لُوثَة ُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى | لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ |
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعة ً | مشكَّلة َ الأَلوانِ مُختلفاتِ |
إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ | بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي |
فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ في البِلى | وتُنبِتُ في تلك الرُّمُوسِ رُفاتي |
وإمّا مَماتٌ لا قيامَة َ بَعدَهُ | مماتٌ لَعَمْرِي لمْ يُقَسْ بمماتِ |
0 التعليقات:
إرسال تعليق